كُتّاب الموقع
يوميات قاتل إقتصادي ... سدّ بسري، إنتعاش أم إنعاش

منح حمادة

الثلاثاء 30 نيسان 2019

تَشَكَّل لبنان بمساحته الحالية بعد زلزال كبير نتج عنه الأخدود الأفريقي الآسيوي العظيم الذي يمتدُّ من زيمبابوي في أفريقيا وصولاً الى جنوب تركيا مروراً بالجنوب اللبناني وسهل البقاع، فتكَّون لبنان على مفترق ثلاث صفائح تكتونية. تبع هذا الأخدود عدّة فوالق صخرية طبيعية في لبنان أشهرها فالق اليمونة على طول سلسلة جبال لبنان الغربية، ويتحرك هذا الفالق مرّة كل ٨٠٠-٩٠٠ سنة، آخرها كان عام ١٢٠٢. واللافت بأنه بسبب المتساقطات الكبيرة هذا العام حصلت إنزلاقات في التربة في منطقة رام القريبة من اليمونة، ظهر على أثرها هوّة يزيد عمقها عن ١٥٠ متر.

وفالق سرغايا على مقربة من الحدود اللبنانية السورية الشرقية يتحرك كل ١٥٠٠ عام، آخرها كان عام ١٧٥٩.

أما فالق الروم أو فالق جبل لبنان فيتفرع من فالق اليمونة جنوباً بإتجاه البحر الأبيض المتوسط، فقد أشارت دراسة تمت مؤخراً الى فرضيّة أنه يمتد شمالاً في البحر بموازاة المدن الساحلية اللبنانية بحال تحركه، مع العلم أن نشاط هذا الفالق الأخير كان عام ٥٥١.

المعروف عبر التاريخ حدوث زلازل ضخمة على الساحل اللبناني تبعته بعدها أمواج تسونامي أغرقت ودمّرت ودفنت مناطق ساحلية عدّة منها بيروت التي غُمِرت بالمياه عام ٥٥١.

يقع مرج بسري على خط فالق الروم الذي كان نشاطه سبباً لزلزال ١٩٥٦ ، حين إبتلعت الأرض العديد من المنازل ودمّرت الآلاف منها.

تعتزم الحكومة اللبنانية بتمويل من البنك الدولي إنشاء سد لتجميع المياه في منطقة مرج بسري لريّ مدينة بيروت وعدد من المناطق، دون لحظ المخاطر البيئية والسياحية الأثرية-الدينية والجيولوجية، فوقوع هذا السد على فالق زلزالي هش ونشط في حين أن التكوين الجيولوجي للتربة والصخور في هذه المنطقة سيكون سبباً لتنشيط أو الإستعجال بتنشيط هذا الفالق مما يؤدّي عبر التغيير الجيولوجي وضغط ثقل المياه التي تبلغ ١٢٥ مليون متر مكعب في نقطة واحدة، وتسربها الى الجوف لزلزال عظيم يدمّر ويغرق بيروت والساحل اللبناني بدلاً من أن يرويها.

تتوزع الثروة المائيّة في لبنان الى :

أقل من ٣٠٪؜ من الثروة المائية يتمثل بمجموع المياه السطحية من أنهار وبرك وسواقي ومجاري وحتى الينابيع، إذ يبلغ قيمة المياه المتجددة بحوالي ٤.٨ كلم٣ ، بحيث تبلغ قيمة المياه السطحية بحوالي ٤.١ كلم٣ ، وتتجدد المياه الجوفية بمعدل ٣.٢ كلم٣، تشكل ٢.٥ كلم٣ منها مياه الأنهار. ويأتي ١ كلم٣  منها من حوالي ٢٠٠٠نبع ماء في كل المناطق اللبنانية الذي يجري منها مياه بمعدل ١٠إلى ١٥ليتر في الثانية. وهذا يكفل تدفق مياه على مدار السنة في ١٧ نهرا من مجموع ال٤٠ نهر يجرون في لبنان.

أما المياه الجوفية فهي أكثر من ٧٠٪؜ من الثروة المائية:  يتمثل أساسا في المياه المختزنة جوفيّاً داخل الصخور الكربوناتية الكارستية والمتجددة سنويا بمياه الأمطار والثلوج فهي :

-الجوراسيك: سماكة ١٢٠٠متر صخور كربوناتية ٦٠٠كلم٢ في السلسلة الغربية و٥٥٠ في الشرقية.

-الطبشور: سماكة  ٦٠٠ متر صخور كربوناتية ٣٠٠٠كلم٢ في السلسلة الغربية و١٢٠٠ في الشرقية.

-الإيوسين: سماكة ٣٥٠ متر صخور كربوناتية ٢٠٠كلم٢ في البقاع.

نسبياً يعتبر لبنان من البلدان الغنيّة بالمياه، ولكن سوء إدارة مؤسسات المياه والحكومات المتعاقبة حالت دون التجميع والتوزيع المناسبين، ففي لبنان هناك سبعة أشهر في السنة تكون شحيحة المياه، لا بل معدومة في العديد من المناطق، خصوصاً المدن الساحلية.

إن تردّي شبكات المياه وقدمها وسوء توزيعها، إحدى الأسباب الرئيسية لشحّ المياه في الأشهر السبع، بالإضافة الى سوء تأمين المياه من مصادرها والإستفادة منها، فسبب ذلك بالدرجة الأولى تواطئ القيّمين على مؤسسات المياه مع أصحاب الآبار والنواعير والصهاريج، ناهيك شركات مياه الشفة التي تقوم بتعبئة المياه من الينابيع والمياه الجوفية بعد معالجتها أو عدمه في معظم الأحيان، وبيعها في الأسواق اللبنانية وتصديرها للخارج، وطبعاً "كلمين حصّته محفوظة".

بالمحصلة، بحال الإستفادة الصحيحة من المياه الجوفية عبر آبار قانونية وعبر مياه الأنهار والينابيع وإقامة محطات توزيع مياه، بالإضافة الى إعادة بناء شبكات توزيع المياه تكفي جميع المواطنين على كامل الإمتداد الجغرافي وتزيد، من مياه ريّ ومياه الشفة والإستعمال المنزلي، ف٦٠٠ مليون دولار كفيلة بإستحداثها عن بكرة أبيها، فلماذا الإسراف والإستدانة وتدمير الطبيعة وتغيير الطبيعة المناخيّة جرّاء إقامة السدود، عدا عن إستفزاز الأرض باللعب بعشّ الدبابير لتزلزل الأرض زلزالها.

إبحث عن من دمّر البلد بحرب دامت ١٥ عاماً وأتبعها بسياسات إقتصاديّة وغيرها بعد إتفاق الطائف وأوصلنا الى ما نحن عليه من زلزال إقتصادي، لبناء ثروات مهولة غيّر آبه بتدمير البلد على جميع الأصعدة حتّى لو كان فناء البشر والحجر.

سقى الله من أسموّه "أخوت شانيه" الذي جرّ مياه الصفا الى بيت الدين، أفَلاَ يوجد في حكوماتنا أخوت مثله يجِرُّ المياه الى أعناق المواطنين.



المصدرك: akhbar961