اليمين الأوروبي الحازم يفرض التطبيع معه
جوزيف حبيب
الإثنين 10 حزيران 2024
إفتتحت هولندا أمس الانتخابات الأوروبّية التي تُختتم في التاسع من الحالي وسط استطلاعات رأي تُرجّح تحقيق أحزاب اليمين الحازم والقومي مكاسب مدوّية، خصوصاً أنّ هذه الأحزاب تتصدّر «نوايا التصويت» في دول كبيرة ومتوسّطة كفرنسا وإيطاليا وهولندا، فيما يتوقّع مراقبون أن يفرض اليمين الحازم نفسه لاعباً سياسيّاً أساسيّاً في مؤسّسات الاتحاد الأوروبي أكثر من أي وقت مضى، معتبرين أن ذلك سيُعطيه «امتيازات» وسيُحصّن شرعيّته من خلال توسيع شريحة الأحزاب المُطبّعة معه بحكم الأمر الواقع.
ينقسم اليمين الحازم داخل البرلمان الأوروبي إلى كتلتَين: الأولى هي كتلة «المحافظين والإصلاحيين الأوروبّيين» التي تضمّ حزب «إخوة إيطاليا» بقيادة «أيقونة» اليمين المحافظ رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، وحزب «العدالة والقانون» البولندي وحزب «فوكس» الإسباني وحزب «روكونكيت» الفرنسي، في حين يتطلّع حزب «فيدس» بزعامة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إلى الإلتحاق بالكتلة، علماً أن مقاربته للعلاقات مع روسيا أقرب إلى الكتلة الثانية.
أمّا الثانية، فهي كتلة «الهوية والديموقراطية» التي تحتضن حزب «التجمّع الوطني» الفرنسي الذي أصبح أقوى تنظيم سياسي في فرنسا وتفوّق على بقية الأحزاب في استطلاعات الرأي بنسب هائلة، وحزب «الرابطة الإيطالية» بزعامة نائب رئيسة الحكومة الإيطالية ماتيو سالفيني، وحزب «من أجل الحرّية» الهولندي بقيادة غيرت فيلدرز الذي كان الفائز الأكبر في آخر انتخابات نُظّمت في هولندا، بينما استُبعد حزب «البديل من أجل ألمانيا» أخيراً من الكتلة.
الكتلتان تنتظران بفارغ الصبر «تضخيم» حجمهما قدر الإمكان في هذه الانتخابات المفصلية في تاريخ أوروبا الحديث. وتأثير كلّ منهما على السياسات الأوروبّية سيزداد بالتوازي مع النسبة المئوية التي سيحصدانها داخل البرلمان الأوروبي، إن بشكل منفصل أو بتوحيد صوتيهما. وكلّما حقّقت الأحزاب اليمينية الحازمة والقومية «غنيمة نيابية» إضافية، كلّما صار لها وزن أكبر يُحتّم على بقية القوى التطبيع معها لتسيير شؤون الاتحاد على الصعيد الأوروبي، فضلاً عن المشاركة في إدارة البلاد في الإطار الوطني.
يُعتبر حزب «الشعب الأوروبي» الذي يُمثّل «الديموقراطيين المسيحيين»، أكبر كتلة في البرلمان الأوروبي الحالي، وهو أعاد ترشيح رئيسة المفوضية الأوروبّية أورسولا فون دير لايين لولاية ثانية. وكان لافتاً تلقّف فون دير لايين صعود اليمين الحازم السريع، مبديةً استعدادها للتعاون مع كتلة «المحافظين والإصلاحيين الأوروبّيين» من دون مدّ يدها إلى كتلة «الهوية والديموقراطية» بسبب علاقات أحزاب الأخيرة مع موسكو، ما أثار استياء «التحالف التقدّمي للاشتراكيين والديموقراطيين» وكتلة «تجديد أوروبا» اللذين يرفضان حتّى الآن التعاون مع أحزاب اليمين الحازم، وهما من أبرز حلفاء «الشعب الأوروبي»، حيث شكّلوا معاً «الإئتلاف الكبير» لتسهيل «طبخ» التشريعات وإقرارها.
وفي حال قرّر قسم وازن من الناخبين في دول الاتحاد الـ27 الذين يتوجّهون في هذه الأيّام إلى صناديق الاقتراع لاختيار 720 نائباً للبرلمان الأوروبي، إعطاء كتلتَي «المحافظين والإصلاحيين الأوروبّيين» و»الهوية والديموقراطية» مجتمعتَين، عدداً أكبر من النواب مقارنةً بـ»الشعب الأوروبي»، فإنّ صوت الكتلتَين سيغدو أكثر فعالية، علماً أنّ هناك صعوبة في اندماجهما في كتلة واحدة لوجود وجهات نظر متباينة في أكثر من ملف شائك كالعلاقة مع روسيا والرؤية الاقتصادية والنظرة إلى الاتحاد، رغم تقاطعاتهما في قضايا حسّاسة أخرى كالهجرة وهوية أوروبا التاريخية والتهديدات الثقافية.
التوازنات السياسية الجديدة التي ستُفرزها صناديق الاقتراع الأوروبّية، ستُحدّد كيفية توزيع «المناصب العليا» في الاتحاد، مثل رؤساء المفوضية والمجلس والبرلمان، إضافةً إلى مسؤول السياسة الخارجية. كلّ المؤشّرات تدلّ على أن أحزاب اليمين الحازم ستؤدّي أدواراً بارزة في صياغة سياسات الاتحاد بعد الانتخابات، ما سيُبدّل تراتبية أولويات «الأجندة الأوروبّية» بشكل ملحوظ.
لعلّ خطاب ميلوني أمام أنصارها في روما السبت الفائت خير مُعبّر عن واقع الحال، إذ اعتبرت أن أوروبا تقف عند «نقطة تحوّل»، واصفةً الانتخابات بأنّها استفتاء بين «رؤيتَين متعارضتَين»، وكشفت هدفها الواضح: «نُريد أن نفعل في بروكسل ما فعلناه في روما»، فهل ينجح رهانها ومعها كلّ أحزاب اليمين الحازم، وإلى أي حدّ؟ الجواب سيخرج قريباً من «الصناديق» وسيُترجم في كلّ أرجاء الاتحاد.إفتتحت هولندا أمس الانتخابات الأوروبّية التي تُختتم في التاسع من الحالي وسط استطلاعات رأي تُرجّح تحقيق أحزاب اليمين الحازم والقومي مكاسب مدوّية، خصوصاً أنّ هذه الأحزاب تتصدّر «نوايا التصويت» في دول كبيرة ومتوسّطة كفرنسا وإيطاليا وهولندا، فيما يتوقّع مراقبون أن يفرض اليمين الحازم نفسه لاعباً سياسيّاً أساسيّاً في مؤسّسات الاتحاد الأوروبي أكثر من أي وقت مضى، معتبرين أن ذلك سيُعطيه «امتيازات» وسيُحصّن شرعيّته من خلال توسيع شريحة الأحزاب المُطبّعة معه بحكم الأمر الواقع.
إفتتحت هولندا أمس الانتخابات الأوروبّية التي تُختتم في التاسع من الحالي وسط استطلاعات رأي تُرجّح تحقيق أحزاب اليمين الحازم والقومي مكاسب مدوّية، خصوصاً أنّ هذه الأحزاب تتصدّر «نوايا التصويت» في دول كبيرة ومتوسّطة كفرنسا وإيطاليا وهولندا، فيما يتوقّع مراقبون أن يفرض اليمين الحازم نفسه لاعباً سياسيّاً أساسيّاً في مؤسّسات الاتحاد الأوروبي أكثر من أي وقت مضى، معتبرين أن ذلك سيُعطيه «امتيازات» وسيُحصّن شرعيّته من خلال توسيع شريحة الأحزاب المُطبّعة معه بحكم الأمر الواقع.
ينقسم اليمين الحازم داخل البرلمان الأوروبي إلى كتلتَين: الأولى هي كتلة «المحافظين والإصلاحيين الأوروبّيين» التي تضمّ حزب «إخوة إيطاليا» بقيادة «أيقونة» اليمين المحافظ رئيسة الوزراء
الإيطالية جورجيا ميلوني، وحزب «العدالة والقانون» البولندي وحزب «فوكس» الإسباني وحزب «روكونكيت» الفرنسي، في حين يتطلّع حزب «فيدس» بزعامة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان إلى الإلتحاق بالكتلة، علماً أن مقاربته للعلاقات مع روسيا أقرب إلى الكتلة الثانية.
أمّا الثانية، فهي كتلة «الهوية والديموقراطية» التي تحتضن حزب «التجمّع الوطني» الفرنسي الذي أصبح أقوى تنظيم سياسي في فرنسا وتفوّق على بقية الأحزاب في استطلاعات الرأي بنسب هائلة، وحزب «الرابطة الإيطالية» بزعامة نائب رئيسة الحكومة الإيطالية ماتيو سالفيني، وحزب «من أجل الحرّية» الهولندي بقيادة غيرت فيلدرز الذي كان الفائز الأكبر في آخر انتخابات نُظّمت في هولندا، بينما استُبعد حزب «البديل من أجل ألمانيا» أخيراً من الكتلة.
الكتلتان تنتظران بفارغ الصبر «تضخيم» حجمهما قدر الإمكان في هذه الانتخابات المفصلية في تاريخ أوروبا الحديث. وتأثير كلّ منهما على السياسات الأوروبّية سيزداد بالتوازي مع النسبة المئوية التي سيحصدانها داخل البرلمان الأوروبي، إن بشكل منفصل أو بتوحيد صوتيهما. وكلّما حقّقت الأحزاب اليمينية الحازمة والقومية «غنيمة نيابية» إضافية، كلّما صار لها وزن أكبر يُحتّم على بقية القوى التطبيع معها لتسيير شؤون الاتحاد على الصعيد الأوروبي، فضلاً عن المشاركة في إدارة البلاد في الإطار الوطني.
يُعتبر حزب «الشعب الأوروبي» الذي يُمثّل «الديموقراطيين المسيحيين»، أكبر كتلة في البرلمان الأوروبي الحالي، وهو أعاد ترشيح رئيسة المفوضية الأوروبّية أورسولا فون دير لايين لولاية ثانية. وكان لافتاً تلقّف فون دير لايين صعود اليمين الحازم السريع، مبديةً استعدادها للتعاون مع كتلة «المحافظين والإصلاحيين الأوروبّيين» من دون مدّ يدها إلى كتلة «الهوية والديموقراطية» بسبب علاقات أحزاب الأخيرة مع موسكو، ما أثار استياء «التحالف التقدّمي للاشتراكيين والديموقراطيين» وكتلة «تجديد أوروبا» اللذين يرفضان حتّى الآن التعاون مع أحزاب اليمين الحازم، وهما من أبرز حلفاء «الشعب الأوروبي»، حيث شكّلوا معاً «الإئتلاف الكبير» لتسهيل «طبخ» التشريعات وإقرارها.
وفي حال قرّر قسم وازن من الناخبين في دول الاتحاد الـ27 الذين يتوجّهون في هذه الأيّام إلى صناديق الاقتراع لاختيار 720 نائباً للبرلمان الأوروبي، إعطاء كتلتَي «المحافظين والإصلاحيين الأوروبّيين» و»الهوية والديموقراطية» مجتمعتَين، عدداً أكبر من النواب مقارنةً بـ»الشعب الأوروبي»، فإنّ صوت الكتلتَين سيغدو أكثر فعالية، علماً أنّ هناك صعوبة في اندماجهما في كتلة واحدة لوجود وجهات نظر متباينة في أكثر من ملف شائك كالعلاقة مع روسيا والرؤية الاقتصادية والنظرة إلى الاتحاد، رغم تقاطعاتهما في قضايا حسّاسة أخرى كالهجرة وهوية أوروبا التاريخية والتهديدات الثقافية.
التوازنات السياسية الجديدة التي ستُفرزها صناديق الاقتراع الأوروبّية، ستُحدّد كيفية توزيع «المناصب العليا» في الاتحاد، مثل رؤساء المفوضية والمجلس والبرلمان، إضافةً إلى مسؤول السياسة الخارجية. كلّ المؤشّرات تدلّ على أن أحزاب اليمين الحازم ستؤدّي أدواراً بارزة في صياغة سياسات الاتحاد بعد الانتخابات، ما سيُبدّل تراتبية أولويات «الأجندة الأوروبّية» بشكل ملحوظ.
لعلّ خطاب ميلوني أمام أنصارها في روما السبت الفائت خير مُعبّر عن واقع الحال، إذ اعتبرت أن أوروبا تقف عند «نقطة تحوّل»، واصفةً الانتخابات بأنّها استفتاء بين «رؤيتَين متعارضتَين»، وكشفت هدفها الواضح: «نُريد أن نفعل في بروكسل ما فعلناه في روما»، فهل ينجح رهانها ومعها كلّ أحزاب اليمين الحازم، وإلى أي حدّ؟ الجواب سيخرج قريباً من «الصناديق» وسيُترجم في كلّ أرجاء الاتحاد.
المصدر: نداء الوطن