ما بعد وقف إطلاق النار... التحديات الداخلية كبيرة
ماهر الخطيب
الخميس 28 تشرين الثاني 2024
على وقع الحديث عن تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار، حيث عاد الجانب الإسرائيلي إلى تسريب معلومات عن إمكانية الوصول إلى إتفاق خلال أيام، خصوصاً بعد معالجة غالبية النقاط التي كانت عالقة، يبرز على الساحة المحلية القلق من المرحلة التي ستلي الإعلان عن هذا الإتفاق، خصوصاً أنّ البلاد ستكون أمام مجموعة واسعة من التحديات، التي لا يمكن التقليل من أهميتها.
في هذا السياق، قد يكون التحدي الأبرز، بحسب ما تشير مصادر متابعة لـ"النشرة"، هو مسألة سلاح "حزب الله"، خصوصاً أن العديد من الأفرقاء سيبادرون إلى فتح هذا الملف بقوة، لا سيما بعد التداعيات الكبيرة التي تركها العدوان الحالي على لبنان، نظراً إلى أن الحزب أخذ قرارَ الدخول في الحرب دون تغطية من أي فريق أساسي.
هنا، تشير مصادر نيابية معارضة، عبر "النشرة"، إلى أنّ الإتفاق المطروح، بغض النظر عن شرعيته، من ناحية الجهّة التي تتولى التفاوض، يعالج المشاكل المطروحة من قبل الجانب الإسرائيلي، لكن في المقابل من الضروري البحث في تلك التي يعاني منها الجانب اللبناني، أي مسألة السلاح غير الشرعي، الذي من الممكن أن يقود إلى "توريط" البلاد في معارك جديدة في أيّ لحظة، وبالتالي لا يمكن الإستمرار في الواقع الذي كان قائماً في الماضي، حيث يكون لبنان ساحة لصراع الآخرين.
بالإضافة إلى ذلك، تبرز أزمة حسم الإستحقاق الرئاسي، حيث سيكون من الضروري الإنتهاء من هذه المعضلة، على إعتبار أنّ البلاد لم تعد تحتمل المزيد من التأخير، خصوصاً أن المطلوب أبعد من إتفاق على إسم الرئيس المقبل، حيث من الضروري الذهاب أيضاً إلى إتفاق شامل، يشمل إسم رئيس الحكومة المقبلة وتركيبتها وبرنامج عملها.
بالنسبة إلى المصادر المتابعة، هذه المهمة لن تكون سهلة على الإطلاق، بالرغم من المؤشرات التي تصبّ في صالح قائد الجيش العماد جوزاف عون، حيث تلفت إلى أنّ هذا الأمر، بناء على ما هو مطلوب في المرحلة المقبلة، سيتطلب الذهاب إلى سلة شاملة من الإتفاقات، تعالج فيها الهواجس التي لدى معظم الأفرقاء، وتضيف: "المسألة قد تكون أعقد من التفاوض القائم مع الجانب الإسرائيلي". بينما تشدد المصادر المعارضة على أنّ المطلوب تطبيق الدستور، وبالتالي الذهاب إلى جلسة إنتخاب بشكل سريع، بدل إستمرار الحديث عن حوار أو تسوية مسبقة.
إلى جانب هذه الأزمات، المرتبطة بالواقع السياسي بشكل مباشر، هناك أخرى لا تقل أهمية، بسبب التداعيات التي قد تتركها على الواقع العام في البلاد، أبرزها قد يكون موضوع إعادة الإعمار وعودة النازحين إلى مناطقهم، بالإضافة إلى مسألة الواقع الإقتصادي، في ظل الأضرار الكبيرة التي حصلت في الأشهر الماضية.
في هذا الإطار، تلفت المصادر المتابعة إلى أن الموضوعين مرتبطين بالمساعدات التي يجب أن يحصل عليها لبنان من الخارج، خصوصاً أن الجميع يدرك أن الدولة لا تستطيع أن تتولى هذه المهمة في ظلّ وضعها المالي المعروف، وتشير إلى أنّ هذا الأمر قد يكون موضع مزايدات وشروط سياسية عالية السقف، سواء كان ذلك بالنسبة إلى قبولها من بعض الدول أو تقديمها من دول أخرى، لا سيّما في ظلّ الأصوات التي كانت قد ارتفعت، في الفترة الماضية، حول الدور الإيراني في لبنان.
في المحصّلة، هي تحديات كبيرة تنتظر لبنان، بعد الإنتهاء من مفاوضات إتفاق وقف إطلاق النار والإعلان عنه بشكل رسمي، تجمع مختلف الأوساط السياسية على أنها لن تكون سهلة على الإطلاق، بالرغم من الحديث عن إشارات إيجابيّة كان قد أطلقها أمين عام "حزب الله" الشيخ نعيم قاسم في خطابه السابق، في حين البعض بدأ، ولو بشكل خجول، طرح الذهاب إلى إنتخابات نيابية مبكرة.
المصدر: النشرة