لبنان في العالم
بعد وقف إطلاق النار: المطلوب مرحلة إعادة الثقة لا زيادة الإنقسامات

ماهر الخطيب

الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

مع إقتراب موعد الإعلان عن إتفاق وقف إطلاق النار، الذي ينهي العدوان الإسرائيلي على لبنان، من المفترض أن ينتقل اللبنانيون إلى مرحلة جديدة، من خلال التجربة التي مروا بها على مدى الشهرين الماضيين، خصوصاً أن التحديات التي تنتظرهم كبيرة جداً، وبالتالي لن يكون من السهل مواجهتها.
 
من حيث المبدأ، هناك مجموعة واسعة من العناوين التي سيفتح النقاش حولها، أبرزها على الإطلاق سيكون سلاح "حزب الله"، حيث الإنقسام الموجود في المجتمع اللبناني، منذ سنوات طويلة، حول هذه المسألة، بالرغم من أن الحوار حولها لن يكون الأول من نوعه، بل حصل أكثر من مرة تحت عنوان البحث عن الإستراتيجية الدفاعية المناسبة، في مواجهة الأطماع الإسرائيلية الدائمة.
 
في هذا المجال، ليس المطروح الآن البحث في الإستراتيجية الدفاعية المناسبة، لكن الأساس هو حق النقاش في أي شيء، لا سيما أن قيادة "حزب الله" نفسها لم تدعُ، في أي مناسبة، إلى إقفال هذا الباب، لا بل كانت تناقش المسألة في جلسات الحوار الوطني التي تناولت البحث فيها، بالرغم من عدم الوصول إلى أي نتيجة تذكر، ما يعني ضرورة ذهاب البعض، لا سيما غير المعنيين مباشرة بهذا النقاش، إلى بعض الهدوء في المواقف، لا سيما أن المرحلة لا تحتمل هذا الكم من التصعيد، الذي وصل، خلال العدوان، إلى حد إطلاق التهديدات.
 
في المقابل، ليس من المقبول أن يذهب البعض إلى خطاب التشفّي والإنتقام، الذي أيضاً كان سائداً خلال العدوان، بالرغم من أنه عملياً لم يترجم على أرض الواقع، وكأن هذا البعض كان ينتظر هذه المرحلة ليخرج أسوأ ما عنده من مواقف، على قاعدة أنها فرصة للتخلص من فريق، له حضوره السياسي والشعبي قبل أي أمر آخر، وبالتالي لا يمكن إلغاؤه بأي شكل من الأشكال.
 
في الشهرين الماضيين، كان هناك تجربة على أرض الواقع قد برزت، هي كيفية التعامل مع أزمة النزوح، في ظل حالة العجز والتقصير من قبل أجهزة الدولة الرسمية، حيث لم تُسجل أي إشكالات من خارج الإطار الطبيعي المحدود، بالرغم من أن بعض المسؤولين، المحليين والخارجيين، كانوا قد ذهبوا إلى حد التحذير من الفتن الطائفية والمذهبية والإقتتال الداخلي، مع العلم أن الجانب الإسرائيلي كان يسعى إلى ذلك، سواء من خلال الشائعات التي كانت تنتشر على مواقع التواصل الإجتماعي أو بعض الغارات التي طالت مناطق معينة.
 
إنطلاقاً من هذه التجربة، يمكن الحديث عن أن المطلوب، في المرحلة المقبلة، العمل على إعادة بناء الثقة بين اللبنانيين، على المستويين السياسي والشعبي، لا الذهاب إلى الخطابات الإنقسامية، خصوصاً أن الأوضاع الداخلية لا تحتمل مثل هذه العودة، ولا حتى الأوضاع الإقليمية تحتمل هذا الأمر، في ظل المخاطر المطروحة مع تسلم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في 20 كانون الثاني المقبل، مقاليد السلطة بشكل رسمي، في حين أن لدى كل فريق هواجس مشروعة له كامل الحق في طرحها.
 
في المحصلة، هي مرحلة صعبة متوقعة، تتطلب الخطاب العقلاني، في مقاربة الملفات التي تنتظر لبنان واللبنانيين، بدل الذهاب إلى الخطاب التحريضي، الذي ستكون تداعياته أخطر من العدوان الإسرائيلي نفسه، ما يفرض على الجميع التعلم من التجارب الماضية، كي لا يتم تكرارها من جديد بأبشع صورها.
 
 
المصدر: النشرة