اتحاد الكتاب اللبنانيين يستذكر الشاعر محمود نون بكتاب جماعي
العرب اللندنية
الثلاثاء 15 نيسان 2025
استضاف “مجلس بعلبك الثقافي” احتفال إطلاق “اتحاد الكتاب اللبنانيين” كتاب المؤتمر الذي أقامه وفاء واستذكارا للشاعر الراحل محمود نون.
واستهل الحفل الأديب الدكتور محمد حسن، فرأى أن “إطلاق كتاب المؤتمر الذي أقيم وفاء للشاعر محمود نون في العام 2024 هو الوفاء لأهل الوفاء من الأوفياء، استذكارا ومحبة. هذه اللفتة الكريمة من اتحاد الكتاب اللبنانيين في طباعة هذا الكتاب تحصل لأول مرة في محافظة بعلبك الهرمل، ونتمنى ألا تكون الأخيرة، وهذا إن دل على شيء، إنما يدل على دور الأدب في البقاع على صعيد الثقافة والمعرفة في لبنان والعالم العربي، كما ويرسِّخ نهجا جديدا في سلوك اتحاد الكتاب اللبنانيين وتعاطيه مع أدباء وشعراء ومثقفي ومفكري المناطق النائية عن العاصمة، ومنها البقاع الذي لا يزال حاضرا في دهاليز وغياهب النسيان لدى الحكومات المتعاقبة، فقد تُرك لمصيره بعيدا عن الدولة الأم على مدى سنوات عديدة.”
وقال حسن إن “الأبحاث التي كرمت محمود نون، كرمت فيه مواقفه وجرأته، وكلمته الحرة، ونبل شعره، وشفافيّة ذوقه الأدبي، وتاريخه الإنساني، وعمق نظرته، وسعة اطلاعه، كما كرَّمت فيه الشاعر والناقد والقاص.”
وتحدث رئيس “مجلس بعلبك الثقافي” حاتم شريف فقال عن الشاعر الراحل، “التقينا بخجل، ولكن عرفتك في عيون محبيك، وما يميزك أنك الغائب الحاضر دائما في نتاجك الفكري والأدبي، فها أنت بعد الرحيل العودة، فالنهر أنت والبحر مداك، والبجع الأبيض أطل من الشرفة، والمطر على النوافذ كحبات عقيق، ممنيا النفس بعلاج روحاني يهدئ من قلق الذات الشاعرة، وتندمل بسحره جراح مثقف أو أزمة الثقافة، فالكثير الكثير منهم انتهى بهم المطاف متجلببين بعباءة الإحباط لشعورهم بالعجز عن إحداث أي تغيير في مجتمعاتهم. أما أنت فلا، فقد عشت في كنف الصمت المثقل والنابض بالأعمال الإبداعية، وكمثقف دفعت ثمنا باهظا من أجل مبادئك، محمود نون لروحك السلام.”
وألقى نائب رئيس “حركة الريف الثقافية” التربوي أحمد الحجيري كلمة قال فيها، “لقد كان حضور الأستاذ محمود الاجتماعي والثقافي حضورا واضحا ومؤثرا في منطقتنا وبيئتنا وعلى مساحة الوطن، وفي خدمة الإنسان بشكل عام، بما يختزنه من أدب وثقافة وقيم إنسانية ومبادئ خلقية سامية. إنه الإنسان، ذاك الصوفي، حامل هموم الناس ومداوٍ جراحهم، والأحب إلى قلبه الفئات المهمشة والمظلومة.”
وأشار إلى أن “نون كان له الفضل في تأسيس حركة الريف الثقافية في البقاع الشمالي في أوائل التسعينات من القرن الماضي، بمشاركة ثلة من أبناء المنطقة، لقد واجهنا عوائق وصعوبات جمة في البداية، ولكن تم تجاوزها بصلابة وجرأة وإصرار الأستاذ محمود وحكمته وعقله الراجح، بعيدا عن التجاذبات السياسية والمماحكات الضيقة، لقد نأى بالحركة بعيدا عن السياسة، وترفع عن الصغائر التي واجهتنا من بعض المتنفذين، لقد صبر ولم يتراجع عما كان يتطلع إليه من استنهاض للمنطقة ثقافيا واجتماعيا وفكريا وعلما ومعرفة، بما كان يحمله في داخله من فكر تنويري ومدني.”
وختم الحجيري مثمنا “دور اتحاد الكتاب اللبنانيين، ممثلا بشخص الأمين العام الدكتور أحمد نزال، على المجهود الذي بذل من أجل إطلاق كتاب المؤتمر الذي أقيم وفاء للأديب والشاعر محمود نون في العام الماضي.”
ومن جهته قال رئيس “الملتقى الثقافي الجامعي” الدكتور علي زيتون، “محمود نون لم يكن بوصفه علامة ثقافية فارقة نتاج مرحلة حاول أن يؤسس لها، بل كان وجوديّا حتى في نشاطه الثقافي، وكانت حركة الريف الثقافية تضع في تصورها المستقبل وتعمل على الوصول إليه وإنجازه، فكان نشاط محمود نون منصبّا على إنماء الثقافة في الريف اللبناني، والريف البعلبكي على وجه الخصوص.”
واعتبر زيتون ان “محمود نون ما زال حيا يتسرب عبر الحركات الثقافية وعبر أنفاس المثقفين والمشتغلين بالثقافة، وسيستمر تسربه إلى أجيال قادمة. استطاعت عينه الثقافية أن ترصدها منذ اليوم الأول لتأسيس الحركة، إنه مدرسة صامدة ثابتة برؤاها وتطلعاتها، وهو إلى جانب كونه شاعرا وقاصّا، كان ناقدا غمس ريشته في قلق ذاته الشاعرة، وأنشأ نقدا يخصه دون غيره من النقاد، إنه مدرسة في النقد الأدبي، كما كان مدرسة في الشعر، ومدرسة في القصّة.”
وألقى الأمين العام لاتحاد الكتاب الدكتور احمد نزَّال كلمة رأى فيها أن “الكلام على الشاعر الراحل محمود نون هو استحضار لإشراقة فكرية اضطلع بها أدباؤنا، شعراؤنا، مثقفونا وكبار فنانينا… نهضة انطلقت من لبنان لتعم شرارتها المحيط العربي تأثرا واستهداء. الكلام على الرجل هو استذكار لفضائله، وهي كثيرة، وما تركه من إرث ثقافي، على المستوى الإبداعي في البقاع الحبيب، وعلى مستوى لبنان في اتحاد الكتاب اللبنانيين.”
واعتبر أنه “حدث مفرح أن نحيي ذكرى هذا الرجل الفذ، القامة الموسوعية، الذي أغنى الثقافة الوطنية، شعرا وقصة ونقدا، وتلك مفخرة ريادية في محيطنا.”
وأردف “واجبنا في اتحاد الكتاب اللبنانيين، الذي يخوض معركة استعادة الثقة به، مؤسسة وطنية جامعة، أن نضيء على قاماتنا النهضوية، ومفكرينا وأدبائنا وسائر المبدعين تعريفا للجيل الجديد، واقتداء لنا جميعا بعطاءاتهم وتوهج أفكارهم، ضمن رسالتنا الوطنية في مسار بناء دولة الإنسان – المواطن … وفي هذا المجال اسمحوا لي أن أطلق اللجنة التحضيرية لتكريم الكبير الدكتور علي زيتون قريبا.”