معرض الكويت للكتاب يحتفي بتجربة سعاد الصباح
حجاج سلامة
الخميس 28 تشرين الثاني 2024
تجربة الشاعرة الكويتية سعاد الصباح الثقافية لها عدة أبعاد، إذ لم تتوقف عند كتابة القصيدة بل تجاوزت ذلك إلى البحث في التاريخ الكويتي، فقدمت أعمالا تاريخية هامة، إضافة إلى دورها في نشر الثقافة الكويتية عبر دار النشر التي أسستها، ما جعل تأثيرها الثقافي يتجاوز حدود الكتابة.
أقيمت على هامش معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، ندوة بعنوان “سعاد الصباح والتاريخ الكويتي… الكتابة والمعايشة بين المشافهة والتدوين”.
الندوة التي جاءت ضمن فعاليات المقهى الثقافي بالمعرض، شهدت استعراض ومناقشة عدد من الأوراق البحثية التي قدمها الدكاترة: نور الحبشي، عبدالله النجدي وعلي الكندري، وأدارها مدير دار سعاد الصباح للثقافة والإبداع الكاتب علي المسعودي.
وألقى المتحدثون الثلاثة الضوء على ما قدمته الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح للمكتبة الكويتية والخليجية والعربية من إصدارات مهمة وملهمة.
حضور مميز
الشاعرة وثقت التاريخ بحرفية ومهنية وبسلاسة ولغة واضحة للجميع ومتاحة للكل ومن ثم نقلتها بأمانة علمية
لفت علي المسعودي إلى أن الأوراق البحثية التي ألقيت بالندوة، سلطت الضوء على جهود سعاد الصباح في تدوين التاريخ الكويتي في سلسلة طويلة، وثقت من خلالها مرحلة مهمة وغائبة عن المكتبة الكويتية.
ونوّه المسعودي بأن الشيخ عبدالله المبارك الصباح له قول معروف أكد فيه أن تاريخ الكويت لا يتوقف عند مبارك الكبير، وإنما قبل ذلك، وبالتالي كلف الدكتورة سعاد الصباح بالبحث في تاريخ الكويت، وبدورها شرعت الشاعرة في البحث بالوثائق البريطانية والعثمانية وكتب التاريخ التي دونها المستشرقون والعرب الذين زاروا الكويت، فكان هذا النتاج.
وأضاف قائلا “سعاد الصباح تتميز بصدقها وإخلاصها، ولا تبحث عن ترويج شخصي، فهناك مثقف يعمل لنفسه وهذا من حقه، وهناك مثقف يُنشئ حراكا ويشجع الشباب، وهذا ما فعلته الدكتورة سعاد الصباح من خلال تأسيس دار نشر منذ عام 1984، حينما أعادت طبع مجلة الرسالة، ثم أعلنت مسابقات سعاد الصباح للإبداع الأدبي، ومسابقات عبدالله المبارك للإبداع الأدبي، وكرمت كبار المبدعين، منهم عبدالله الفيصل آل سعود وثروت عكاشة وغسان توني ونزار قباني وعبدالكريم غلاب والدكتور صالح العجيري، وغيرهم الكثير من المفكرين والأدباء الذين أثروا بعطاءاتهم الساحة الثقافية والفكرية العربية.”
وكانت الفكرة تكريم المثقف قبل موته، لأن العادة العربية أنه لا يُكرم المثقف إلا بعد موته، وهذا ما أعطى سعاد الصباح القوة والقبول لدى المجتمع الكويتي بشكل خاص والعربي بشكل عام، كما تُرجم بعض أعمالها إلى اللغات الحية جميعها، وأخيرا دُشنت ترجمة أحد أعمالها إلى اللغة الهندية.
من جهتها قالت الدكتورة نور الحبشي “الدكتورة سعاد الصباح… اسم كبير وله قيمته الثقافية والعلمية الكبيرة”، ثم تحدثت في مجمل عام عن الكتب التي أصدرتها الصباح في تاريخ الكويت، وتابعت “وكانت الاستثناء الوحيد في الكويت الذي كتب عن الشيخ صباح الأول إلى الشيخ مبارك الكبير، بسلسلة متقنة متزنة بمعايير الوثائق، حيث وثقت التاريخ بحرفية ومهنية وبسلاسة ولغة واضحة للجميع، ومتاحة للكل، ومن ثم نقلتها بأمانة علمية.”
وأضافت “إضافة إلى ما قدمته الصباح في توثيق تاريخ الكويت، حملت هموم الأمة العربية بقضاياها ودعمت مواقف القضية الفلسطينية من خلال دار نشرها وحضورها في الملتقيات الثقافية على صعيد الخليج والمنطقة وأوروبا من خلال مشاركات دار سعاد الصباح للنشر، ولم تتخل يوما عن أي مثقف، فقد احتوت الجميع، وكان حضورها جدا متميزا بتواضعها وسمو أخلاقها ومن يقترب منها سيجد البعد الإنساني فيها.”
جزء من الوجدان
إضافة إلى ما قدمته الصباح في توثيق تاريخ الكويت، حملت هموم الأمة العربية في دراساتها التاريخية وأشعارها
من ناحيته أشار الدكتور عبدالله النجدي إلى أن تجربته مع دار سعاد الصباح تعود إلى فترة بحثه في الدكتوراه، حين اعتمد على كتاب يعد أول إصدارات سعاد الصباح وعنوانه “صقر الخليج”.
واستطرد قائلا “توالت السلسلة التي تؤرخ لتاريخ الأسرة، التي تعد من الناحية العلمية مفيدة، وتضم معلومات مهمة من خلال شتى أنواع المصادر، وكنت أقول لتلاميذي إن كنتم تبحثون عن كتب مهمة ابحثوا عن كتب الدكتورة سعاد الصباح، كما أعجبتني لمساتها الشعرية، حيث كانت ترفق الأشعار في كتبها، إضافة إلى أنها أعطت التاريخ حقه من كل جوانبه، وهذا يدل على شغفها بالبحث عن المعلومات الدقيقة.”
وبدوره قال الدكتور علي الكندري “عادة في قراءة أي مشروع تاريخي تكون هناك أسئلة عدة حاضرة عند النقاش، فالكتاب له خطان زمنيان للتسلسل التاريخي، خط للأحداث، وخط للمؤلف، والكتاب، له خط زمني معاكس للخط الزمني التاريخي.”
وتحدث الكندري عن فكرة ذاتية المؤلف، وذكر مثالا حول كتاب عبدالعزيز الرشيد عن تاريخ الكويت، ليؤكد على وجود حركة ثقافية مؤثرة على المحيط العربي وأن الكويت جزء منها، وكتاب مرزوق الشمال “من تاريخ الكويت”، وهو بذلك يريد التأكيد على تاريخ الكويت البحري، وأشار إلى أن في مشروع سلسلة كتب سعاد الصباح الكثير من الأفكار ومنها علاقة أسرة الحكم بالشعب، والنهضة في الكويت.
وقال الروائي هيثم بودي في مداخلته “الشيخة الشاعرة سعاد الصباح، جزء من تكويننا الوجداني، فحينما كنت أتجول في لندن أجد إصداراتها، كونها الناشر الأول للكتب الكويتية المترجمة، فرحلتنا مع دواوينها قديمة، وشخصيتها الإبداعية والكتابية متنوعة حيث إنها مؤرخة وحررت الكثير من الوثائق المهمة.”
أما الشاعرة أفراح المبارك الصباح، فقد أكدت أن الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح لديها الكثير من المؤلفات، وهي مرجع تاريخي مهم، ومن ثم طرحت اقتراحين، الأول حول نشر إصدارات الشاعرة الدكتورة سعاد الصباح بطريقة الكتاب المسموع، والاقتراح الثاني أن تكون هذه الإصدارات في متناول الأطفال، من خلال كتب مبسطة تضمّ رسومات، كي يعرفوا تاريخ الكويت.
المصدر: العرب اللندنية