فكر حر
محمد البعلبكي: ذكريات مع «الزعيم»

محمود شريح

الأربعاء 31 تموز 2024

محمد البعلبكي إنْ حكى وقفَ خطيباً مفوّهاً، وإنْ سردَ أصغى إليه الحاضرون بشغف لسلاسة سرده مطعّماً بروح الأناقة، وإنْ سطّرَ أرّخَ ووثّقَ، فكيف لو أبصرت النُّور ذكرياته مع أنطون سعادة وهي أصلاً محاضرة ألقاها في ضهور الشوير عند عرزال الزعيم في 22 آب (أغسطس) 2015 بدعوة من «مؤسّسة سعادة للثقافة» بعنوان «ذكرياتي مع أنطون سعادة»، وكان ناشر هذه الذكريات سليمان بختي الذي قدّم صاحبها في محاضرته في ضهور الشوير وأصدرها أخيراً عن داره (نلسن للنشر ـــ 2024).
 
محمد البعلبكي (1921-2017)، المقاصدي، الشيخ الأزهري، خرّيج «الأميركيّة»، الذي انتدبه «حزب النداء» القومي لمقابلة سعادة في عام 1949 والوقوف على حقيقة حزبه، عاد من المقابلة ليخلع العمامة ويلتحق برعيل النهضة القومية الاجتماعية. إنّه محمد البعلبكي مُطلق صحيفة «كل شي» ومُحرّر «صدى النهضة»، رئيس «المجلس الأعلى للحزب القومي»، المشارك في انقلاب 1961/1962، المحكوم بالإعدام إلى جانب قادة الحزب، ثم خُفّض الحكم إلى المؤبّد وصدر العفو عنه وعن المدنيين عام 1969 (بموجب عفو عام من الرئيس شارل حلو، فيما صدر عفو عام عن العسكريين وفيهم فؤاد عوض وشوقي خيرالله عام 1970، بموجب عفو عام عن الرئيس سليمان فرنجية)، هو نفسه نقيب الصحافة بين عامَي 1982 و 2014.
 
 
كان أسد الأشقر أوّل من طرحَ فكرة الانقلاب على نظام الرئيس شهاب مع رئيس الحزب القومي عبدالله سعادة الذي حلّ مكان عبدالله محسن، وكان محسن قد تولّى رئاسة الحزب بعد انتهاء المدة الرئاسية لأسد الأشقر الذي طالما راودته فكرة الانقلاب، فطرحَها في أوائل عام 1961، فقلّب عبدالله سعادة الرأي في الفكرة بأن تداولها مع رئيس المجلس الأعلى محمد البعلبكي وناموس الرئاسة نبيه نعمة. فشلَ الانقلاب وزُجّ آلاف القوميين في السجون، وكان ما كان.
 
 
تزخرُ مذكرات البعلبكي بتفاصيل الثورة الاجتماعية الأولى التي قادها سعادة من دمشق، وكان البعلبكي قد التقاه هناك وأول من ذكرَ في جريدته «كل شيء» خبر اعتقال سعادة في تمّوز (يوليو) 1949، وتفاصيل انقلاب 1961/1962، وهو الذي أمضى عقداً في سجن القلعة. وإضافة إلى ذلك، يفسح ناشر المذكّرات لمقابلة مرجعية أجراها الزميل رؤوف قبيسي مع النقيب البعلبكي كانت قد صدرت في «النهار» بتاريخ 20/7/2013 اشتملت على سيرته في الحزب القومي، إضافة إلى ملحق صُوَر ووثائق، وفيه محاضرة البعلبكي في «الجامعة اليسوعية» (كانون الثاني/ يناير 1961) عن عقيدة الحزب القومي، ومحاضرته «الحرية في القرآن» (في «معرض الكتاب العربي الدولي السابع والأربعين» بدعوة من «النادي الثقافي العربي»، 11/11/2003). يتوجّه الناشر بالشكر إلى سركيس أبو زيد ورؤوف قبيسي و«مؤسسة سعادة للثقافة» لمؤازرتهم الأدبية والمعنوية. ذكريات النقيب مع «الزعيم» إضافة غنيّة إلى تراث الفكر القومي لما توفره من مادّة مرجعية لدارس تاريخ «الحزب السوري القومي الاجتماعي».
 
 
المصدر: الأخبار