أحداث ثقافية أخرى
مثقفون سوريون ينادون برفض خطاب الكراهية
العرب اللندنية
الخميس 31 تموز 2025

جمع ملتقى الكتاب السوريين عصارة فكر وإبداع نخبة من المثقفين في الأدب والفكر، حيث رصدوا بنتاجاتهم واقع سوريا قبل وخلال الثورة، والتطلعات نحو تعزيز الحرية والعدالة والمساواة.
 
الملتقى الذي تنظمه وزارة الثقافة بالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب في المكتبة الوطنية بدمشق، تضمن أمسيتين شعرية وقصصية وندوتين فكريتين بحضور وزير الثقافة محمد ياسين الصالح، وجمهور رسمي وحضور ثقافي لافت.
 
ومن بين الأمسيات أمسية شارك فيها الشاعران محمد قاقا وتمام طعمة، حملت قصائدها وجع الوطن وآلام الحرب على الناس وأحلام إعادة البناء.
 
وأوضح الشاعر قاقا في تصريح له أن قصائده استقت مضامينها من الحزن والوجع السوري، لنقل الصوت الحقيقي للمعاناة التي عاشها الشعب.
 
ورأى أن المطلوب من الثقافة الوقوف بوجه خطاب الكراهية المنتشر على وسائل التواصل والذي لا يشبهنا، مشددا على أن مهمة الشعراء نشر المحبة.
 
أما الشاعر تمام طعمة، فأوضح أن مشاركته تضمنت قصيدتين عن سوريا وتضحيات السوريين في سبيل الحرية، مؤكداً أن الواقع يفرض أن تكون القصائد قريبة من هموم الناس، وتعكس فرحة النصر وتطلعاتهم نحو إعادة الإعمار.
 
ملتقى الكتاب السوريين تضمن أمسيتين شعرية وقصصية وندوتين فكريتين بحضور.
 
وأكد طعمة أن دور الأدب في مواجهة خطاب الكراهية لا يُختزل في الشعر وحده، بل هو مهمة مجتمعية متكاملة، تبدأ من المدارس ولا تنتهي عند الجامعات والمؤسسات الثقافية، فالثقافة بدون مشروع توحيدي ليست ذات قيمة.
 
وقدم الدكتور محمد بهجت قبيسي، أستاذ التاريخ القديم، محاضرة حملت عنوان قراءة في أسماء المدن والقرى السورية والعربية، تناولت أصول التسميات من دمشق ومراكش ومكناس، لتأكيد وحدة الهوية العربية في وجه دعوات الانقسام والتشظي.
 
وقال قبيسي في تصريح إعلامي له: “إن الهوية اللغوية مفتاح لفهم الواقع وإن اللغات الأوغاريتية، الأكادية، البابلية والآشورية ليست غريبة عنا، بل هي امتداد للعربية، وأسماء المدن تشهد على ذلك، داعياً إلى التركيز على القواسم المشتركة بين السوريين الموجودة من خلال هذه الأسماء والتسميات، واللغة هي جزء من هذا الكشف، فكل ما نحتاجه هو العقل.”
 
وأضاف قبيسي: “لا مكان للكراهية مع المنطق، نحن نعرض الحقائق، ومن لديه فطرة سليمة سيتوحد تلقائياً مع محيطه، اللغة هي روح الأرض، وهي أساس الانتماء.”
 
وفي المحاضرة التي جاءت بعنوان “الكاتب والسلطة”، تحدث الدكتور أحمد محمد علي عن ارتباط الكاتب والسلطة بمسائل تتعلق بإعادة إنتاج العلاقة بين المثقف والسلطة، ودور الثقافة في صناعة الدور السياسي، ومدى تأثير المفكرين في السردية السورية التي كتبت أثناء الثورة، في ظل فساد السلطة في عهد النظام السابق.
 
وأكد علي، أن لا ثورة تقوم في العالم دون وجود للمثقف المتحدي والمعارض والمستتر والمهاجم والمدافع، الذي يعتمد على الرمزية في نقل المعاناة المولدة للإبداع في نقل الأحداث.
 
الملتقى عرف تنظيم أمسية قصصية، بدأت مع القاص الروائي والمسرحي محمد الحفري
 
بدوره أشار الدكتور أحمد جاسم الحسين، إلى العلاقة بين المثقف والسلطة قبل الثورة السورية وبعدها، حيث انعدمت الحرية، فكان الكاتب يتحمل مسؤولية أقواله عندما يكون مباشراً في التعبير، إما بالسجن أو الهروب خارج البلاد ليعبر عن مكنوناته، أو كان يلجأ لطرق غير مباشرة من خلال تبطين الكلام، والاستعارة والتورية.
 
وطالب الحسين المثقف، بأن يتحلى بالمسؤولية من خلال التعالي على الجراح، وأن يلم شمل السوريين وينقد ليبني المجتمع.
 
في المحاضرة التي حملت عنوان “الغزو الفكري في أدب الطفل المصور”، أكد الدكتور أحمد نتوف، أن الأطفال العرب متلق سلبي ولقمة سائغة لغزو فكري كبير، عبر رسائل موجهة من برامج الأطفال ومسلسلات الكرتون، البعيدة عن الأخلاق والعادات، وتنفذ ما تتطلبه القنوات الفضائية.
 
وحذر نتوف من مخاطر المسلسلات الأجنبية الموجهة للأطفال، والتي نجد فيها مشاهد لقتل مترافق برمز ديني أو صوت الآذان، وأخرى عارية، وثالثة لاأخلاقية، ومشاهد تُمرر فيها رموز السحر والشعوذة، مشيراً إلى أن دمية باربي وما تمثله من قيم غربية دفعنا لاختراع شخصية دمية فلة.
 
وأكد نتوف، أن هناك استهدافا كبيرا لعقول الأطفال بغية تغيير العادات والسلوكيات، وهزيمتهم نفسيا وتحويلهم لمجرد أرقام تستهلك لا تبادر، كما تعج الأعمال المخصصة للطفل بتشويه مقصود لصورة العربي والمسلم، واستدراجه عاطفيا نحو عالم مختلف عن واقعه، قائم على الربح المادي وبعيد عن الروحيات والقيم، ووضع العنف كحل للمشاكل، بينما الإنتاج المحلي للطفل لا يوازي غزارة الأجنبي.
 
وعرف الملتقى تنظيم أمسية قصصية، بدأت مع القاص الروائي والمسرحي محمد الحفري، الذي لامس إحدى قضايا الزواج بقصة “ليس غروراً.. مشوار الطريق”، فالنجوى ترافق مشوار الفتاة المغرورة بجمالها الفائق، إلى أن تستيقظ لتجد نفسها وحيدة، وقد خطّ العمر علاماته على وجهها.
 
أما الروائي والقاص أيمن الحسن، فألقى مجموعة قصصية صغيرة عبقت بحب الوطن والقيم الأخلاقية والوطنية ووصف المظاهرات، إذ تراوحت عناوينها ما بين “الشام” التي باتت صورتها في كل شيء، وحديقة السلام في ”على بعد حرب”، وصورة ضابط المخابرات في ”ميزان السلامة”، إضافةً إلى عناوين أخرى في الحب والوفاء والتضحية وألم الروح مثل ”صماء”، ”خاتم فيروز”، ”ثلاث دمى”، ”كتاب جديد” ليختتم بوصية الآباء لأبنائهم: “أترك لكم وطناً معافى يسير بكم نحو المستقبل بثقة.”