صدر عن مؤسسة الدراسات العلمية، كتاب " لبنان بصيغة المستقبل" لـ منصور عازار، قدم للكتاب جورج مصروعة.
منصور عازار لا يحب التقريظ قدر ما يود أن يكون مفهوماً، نشأ كتلة، بل ازدواجاً من الفكر والعمل-الفكر العميق الغور، والعمل الوسيع المترامي الأطراف. واستطاع، بإرادة فولاذية، أن يجعل من ثنائيته هذه كياناً على جانب كبير من التوازن، والتناغم، والانسجام، كأنه جسد بوجوده، قول صديقي المغفور الدكتور الرئيس كوامي نكروما، في "وجدانيته" الشهيرة: "العمل بلا فكر عمى، والفكر بلا عمل فراغ".
منذ بدأ اتصالي بمنصور، حضوراً وحوراً ومراسلة، لاحظت أنه استطاع أن يجمع في شخصه رجل الفكر ورجل الأعمال، في تيار واحد. نشاط لا يتوقف، لا يهدأ. يأبى أن يعرف ما هي الراحة – فها هو تلميذ دفّاق الفضول في حقول السعي الى المعرفة، ثم فتى ملتهب حماسة. يُثير موضوعات المناقشة. يُنظم التظاهرات. يُثبت وجوده في كل ندوة ثقافية، أو مشروع تجدد وإصلاح. يلاحق أساتذته أكثر بكثير مما يبحثون هم عنه – وإذا به، بعدئذ مغترب ناجح، لامع، سبّاق، ينشذ عن الدروب السالكة التي اعتمدتها أكثرية المغتربين، وهي التجارة، مثلاً، أو الاستيراد والتصدير، ليشق عقبات الصناعة. وها هي معامله الحديثة للمواد البلاستيكية تنشأ وطيدة الأساس في غانا، ثم تتسع في نيجيريا إلى مستوى شبه عالمي.
تراه في أحد هذه المعامل وهو بالشورت والفانيلا، كأنه أحد العمال، ثم تلتقيه في مكتب الإدارة ربّ عمل قليلاً ما يُجارى.
يروح ويجيء، مكوك حركة لا ينضب عطاؤها.